خلف كل إبداع هناك قصة مختلفة، لا تخلو من الشغف والإصرار والسعي؛ لتحقيق هدفٍ كان مجرد فكرة، واجتهد أحدهم لتحويلها إلى واقع جميل بلمساته الفنية المبتكرة التي تسر الناظرين، ومن ذلك ما حدث مع ابنة القطيف “ماجدة عبد الله مكي آل أمان” الحاصلة على بكالوريوس اللغة العربية، والتي أولعت بفن الفخاريات والمزهريات واقتحمت صناعته بالورق.
حب بالوراثة
ورثت “آل أمان” الحاصلة على بكالوريوس اللغة العربية حب اقتناء المزهريات والفخاريات عن والدتها، فمُنذ صغرها كانت تقف أمام تلك القطع الفنية منبهرة بجمالها ومتأملة تفاصيلها الدقيقة؛ لتقتحم عالم صناعة المزهريات بالورق فيما بعد، وتضفي عليها بأناملها المبدعة جمالاً آخر، مؤمنةً بالقول القائل: “إن وجدت العقبات استخدم البديل”.
واجب حر وترشيح
تعود البداية قبل 6 سنوات، عندما شاركت “آل أمان” في واجب حر لمادة التربية الفنية بمدرسة الأولاد، ولاقت مشاركتها إعجاب الجميع، وبعدها تم ترشيح ابنتها في المرحلة المتوسطة والثانوية؛ للمشاركة في مسابقة فنية للشيخ محمد بن سلطان -رحمه الله- ليتم تكريمهما من المدرسة، ولعل إبداعها وتميُزها هو ما دفع إحدى المعلمات للتواصل معها، لتشارك في مهرجان شعبي بمدينة صفوى، ومن هذه المحطة بدأت رحلة العمل في الفخاريات الورقية والمشاركة في مهرجانات عدة.
بحث مستمر
لم تكتف “آل أمان” بموهبتها في صناعة الفخاريات والمزهريات، كما أنها لم تلتحق بدورات تدريبية من قبل، ولكنها ظلت تبحث بشكل مستمر لتتعرف على كل كبيرة وصغيرة في هذا المجال حتى وصلت إلى الاحترافية، وساعدها في ذلك التجربة العملية، فكانت في كل مرة تنجز مزهرية، تتعلم من أخطائها، حتى باتت مستعدة لإطلاق مشروعها الخاص من منزلها، والذي تسعى دائمًا لتطويره باستمرار.
مزهريات ورقية
“صناعة الفخاريات بالطين أسهل بكثير من صناعتها بالورق، ولكل منهما جماله الخاص” بهذه الكلمات بدأت “آل أمان” الحديث عن المواد المستخدمة في صناعة الفخاريات والمزهريات الورقية، متابعة: “أستخدم الورق بأنواعه، والصمغ بأنواعه، والألوان بأنواعها، وأغلب الأشياء المكتبية من فرش التلوين والإسفنج، وأحيانا الإسمنت، وأحتاج أيضًا إلى الصنفرة والمقص والخردوات الصغيرة والإكسسوارات الجديدة، وكذلك الصلصال الجاهز والشمع والبالون والرمل والقماش أحيانًا وغير ذلك من الأدوات”، مشيرةً إلى أن الحفاظ على المزهريات الورقية، يبقيها دون تلف ولا يتأثر جمالها لسنواتٍ.
منتجات أخرى
ليست مزهريات فحسب، بل قطعًا فنية أخرى شرعت “آل أمان” في ضمها إلى منتجاتها الفنية الفريدة، ومنها منظمات الإكسسوارت ومنظمات الألعاب، والطاولات، ومناظر للجدار، وزينة المرايات، وكذلك الشنط، والصناديق الشعبية، وأدوات المطبخ.
إعادة التدوير
وفي حديثها عن أغرب الأشياء التي صنعتها، وفكرت في إعادة تدويرها، قالت: “ربما أغرب الأشياء كانت عمل كمدينو بجانب السرير، أو تحويل باب عداد الكهرباء إلى منظر جميل من الورق، أو صناعة طاولات طويلة جانبية توضع عند زاوية الجدار وعليها الفخاريات، أو لوحة جدارية من الورق، أو الرسم على ورق كارتون البيتزا”، منوهةً بأن إعادة تدوير الورق مهارة جديدة وغريبة في مجتمعنا السعودي.
بلا كلل أو ملل
لا تشعر “آل أمان” بالوقت أثناء عملها في صنع الفخاريات والمزهريات، بل وصفته بأنه أفضل الساعات التي تمر عليها، فهي تعمل في إعادة تدوير الأورق بلا كلل أو ملل، ولا يتعارض عملها مع كونها أمًا وربة منزل.
التراث القطيفي
ولعل تأثر “آل أمان” ببيئتها ونشأتها في القطيف، هو ما جعلها تفكر في إضافة الطابع التراثي على أعمالها، فصنعت مزهريات مستوحاة من التراث والبيئة القطيفية، وتسعى في الوقت الحالي إلى الابتكار وتنفيذ الكثير منها.
دورات ومشاركات
شاركت أيضًا في تقديم دورات وورش عمل لتعليم البنات كيفية صناعة المزهريات بمنتجات سهلة ومميزة من الورقيات، إضافة إلى تدريبهن على تزيين المرايا من الورق، واللوحات الجدارية الورقية، فضلًا عن تعاونها مع إحدى المدارس الثانوية في القطيف، للمشاركة في برنامج الشراكة المجتمعية لتعليم الطالبات، كما أنها شاركت في معارض فنية ومهرجانات عديدة وتم تكريمها لجميل صنع إبداعها.
مواقف لا تُنسى
وعن المواقف التي لا تُنسى من ردود أفعال الجمهور والفنانين على أعمالها، أوضحت أنها تتذكر جيدًا رأي أحد الفنانين التشكيليين في الفخاريات، عندما قال لها: “حرام فنك الجميل يكون على فخارية، المفروض يكون على لوحة فنية”، وكان تعقيبها على رأيه بأنها كانت ترسم لوحات بالفعل، ولكنها قررت أن تصبح الفخارية لوحة فنية، معربة عن سعادتها بتلقيها الكثير من التعليقات الإيجابية على منتجاتها.
شكر واجب
كل منا يحمل شكرًا مستحقًا لداعميه في رحلة الحياة؛ لذا وجهت “آل أمان” شكرها لابنتها وأولادها، لمساعدتهم إياها في صنع الفخاريات والمزهريات الورقية، واختصت بالشكر زوجها الذي يُقيّم عملها ويدعمها معنويًا؛ لحبه التراث وما تصنعه يداها، وامتد امتنانها إلى عائلتها والحرفيين والإعلاميين وإلى كل من أسهم في تشجيعها ولا سيما مذيعة قناة mbc الإعلامية معالي راضي.
استكشفوا مهارات أبنائكم
وفي ختام حديثها دعت “آل أمان” الآباء والأمهات إلى اسكتشاف مهارات أبنائهم وتشجيعهم دائمًا، مؤكدةً أن ذلك إصلاحًا لهم ورفعة للوطن.