كل ما كنت تحرص عليه في الدنيا أشد الحرص ستتمنى لو تفتدي به من عذاب
يوم القيامة بل لو ملكت كل ما في الأرض لتمنيت لو تفتدي به من عذاب السعير
حسرات وحسرات، فهل من إفاقة قبل يوم الندم الأكبر ولات حين مندم؟
{وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا فِي الْأَرْضِ لَافْتَدَتْ بِهِ ۗ وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ ۖ
وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ ۚ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ * أَلَا إِنَّ لِلَّـهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۗ أَلَا إِنَّ وَعْدَ اللَّـهِ
حَقٌّ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ * هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [يونس: 54-56].
قال السعدي في تفسيره :
{وَ} إذا كانت القيامة فـ {لَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ} بالكفر والمعاصي جميع
{مَا فِي الْأَرْضِ} من ذهب وفضة وغيرهما، لتفتدي به من عذاب الله {لَافْتَدَتْ بِهِ} ولما نفعها ذلك
وإنما النفع والضر والثواب والعقاب، على الأعمال الصالحة والسيئة.
{وَأَسَرُّوا} أي الذين ظلموا {النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ} ندموا على ما قدموا، ولات حين مناص
{وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ} أي: العدل التام الذي لا ظلم ولا جور فيه بوجه من الوجوه.
{أَلَا إِنَّ لِلَّـهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} يحكم فيهم بحكمه الديني والقدري، وسيحكم فيهم بحكمه
الجزائي. ولهذا قال: {أَلَا إِنَّ وَعْدَ اللَّـهِ حَقٌّ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} فلذلك لا يستعدون للقاء الله
بل ربما لم يؤمنوا به، وقد تواترت عليه الأدلة القطعية والبراهين النقلية والعقلية.
{هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ} أي: هو المتصرف بالإحياء والإماتة، وسائر أنواع التدبير ، لا شريك له في ذلك.
{وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} يوم القيامة، فيجازيكم بأعمالكم خيرها وشرها.