مدينة بغداد المدورة هي المقر الاصلي لبغداد ، بناها الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور عام 762-768م كمقر رسمي للحكومة العباسية والخلافة الإسلامية . اسمها الرسمي في العصر العصر العباسي هو مدينة السلام .
بنيت على الضفة الغربية لدجلة واستغرق بناؤها اربع سنوات وبلغت مساحتها حوالي اربعة اميال .
تم بناء المدينة على مرحلتين :
أُنجِزت الاولى عام 146هـ وكانت هي أهم المرحلتين ، وقد توقّف العمل بعدها ستة أشهر بسبب بعض الحركات المعارضة. الثاني : وهي المرحلة التكميلية ، واستمرت ثلاث سنوات ، ابتدأت من انتقال المنصور اليها عام 146هـ ، وأُنجِزت عام 149هـ. وقد جلب المنصور لبنائها آلاف المهندسين المعماريين والمساحين والنجارين والحدادين وأكثر من مائة ألف عامل من مختلف أنحاء الإمبراطورية العباسية. استشار المنجمين، وفقا لنصائحهم، وضعت أول لبنة احتفالية يوم 30 يوليو 762 ميلادية للبدء ببناء المدينة.
من أشهر الابنية في المدينة المدورة قصر الذهب وجامع المنصور ومكتبة دار الحكمة . ويعتبر تخطيط مدينة بغداد المدورة ظاهرة جديدة في الفن المعماري الإسلامي ولاسيما في المدن الأخرى التي شيدها العباسيون مثل مدينة سامراء وما حوته من مساجد وقصور خلافية فخمة. وإلى جانب العمارة وجدت الزخرفة التي وصفت بأنهما لغة الفن الإسلامي، وتقوم على زخرفة المساجد والقصور والقباب بأشكال هندسية أو نباتية جميلة تبعث في النفس الراحة والهدوء والانشراح.
وهناك معالم لهذه المدينة ، منها: الشكل المدور للمدينة وهو الذي ميّزها عن سائر مدن العالم حتى قال عنها اليعقوبي ( و لا نعرف في جميع الأقطار مدينة غيرها )
وقد اشتهرت بغداد بهذا الشكل المدوّر حتى وُصِفت بالمدينة المدورة. ولها خندق أُحيطت به وقد شُقّت له قناة من نهر الكرخايا ليجري فيه الماء وهو أحد التحصينات العسكرية للمدينة . ولها سور خارجي طوله 20 ذراعاً ، وارتفاعه 35 ذراعاً .تذكر الروايات التاريخية ان أبواب بغداد ثمانية ، أمّا الأبواب الخارجية فأربعة هي ( باب الكوفة / وباب البصرة / وباب الشام / وباب خراسان ).
وقد تم تصميم المدينة الأصلية على شكل دائرة في بقطر 2 كم. الشكل الدائري الذي بنيت على أساسه المدينة كانت احياء للهندسة الإقليديسية، الذي كان الخليفة المنصور معجباً بأعماله ونظرياته في الهندسة.
وفي وسط المدينة وقف اثنان من أروع المباني في المدينة وهما: المسجد الكبير ومركز إقامة الخليفة ( الذي كان يسمى بالبوابة الذهبية) ، وكان المسجد قائماً على ساحة تحيطها بركاة من الماء، وكان يسمح للخليفة المنصور فقط بالدخول الى هذه المنطقة راكباً على ظهر الخيل.
على الحافة الداخلية (الدائرة الأولى) القريبة من المركز كانت تقع منازل تضم رياض الأطفال ومنازل موظفي الحكومة وخدم الخليفة ومهاجعهم، وثكنات للحرس واسطبلات للخيل والمكاتب الحكومية، ويحمي هذه المنطقة جدار داخلي.
وتتركز في الحلقة الواقعة بين الجدار الخارجي للمدينة والجدار الثاني المحصن المباني التجارية والمصانع وكان الجدار المحيط الخارجي بارتفاع 30 متر و 44 متر من مناطق أخرى. وكان يحيط بها خندق عميق.
تم تقسيم المدينة إلى أربعة أرباع قطعتهما خطان متقاطعان عموديا على شكل شوارع.
للأسف، لا شيء من هذه المدينة العظيمة تبقى حتى اليوم. هدمت آخر آثار مدينة المنصور في في وقت مبكرة من عام 1870 عندما أصبح مدحت باشا الوالي العثماني في بغداد. لم يكن لدى مدحت باشا الإهتمام البالغ بالآثار فأزال آخار آثار المدينة المدورة.