هل تعتقد أننا ندرس الرياضيات لنتعلّم الأرقام وجدول الضرب والقسمة؟ إن كنت تفكّر بهذه الطريقة، فأنت حتمًا لم تعرف إلى الآن لماذا ندرس الرياضيات، فغايته أبعد وأسمى من أن يكون محصورًا في أرقام وكسور!
“جيريمي كان” بروفيسور في الرياضيات، كان قد طُرح عليه هذا السؤال، لماذا ندرس الرياضيات؟ ماذا نستفيد من جيب التمام، والتكامل، والتفاضل، والجبر، والهندسة في حياتنا لاحقًا؟ وعلى خلاف زملائه الذين تُطرَح عليهم هذه الأسئلة، لم يشعر كان بارتباك، فأجاب عن ذلك بأسباب منطقية وواقعية.
الرياضيات يُعلّمك الاعتراف بالخطأ
ليس مجرد الاعتراف بالخطأ فقط، إنما المضي قدمًا لإيجاد حل للمهمة المستحيلة. على سبيل المثال، محمد وأحمد يقفان أمام معادلة مكتوبة على السبورة. أحمد متأكد أن تلك المعادلة صحيحة، لكن محمد يعرف أنها خاطئة تمامًا. في الساعة المقبلة تغيّرت الآراء، أصبح أحمد يراها خاطئة، بينما محمد يؤكد أنها صحيحة.
يبدو ذلك ضرب من الخيال، لكن هذا ما يواجهه علماء الرياضيات يوميًا، فما كان بالأمس صحيحًا، هو اليوم أقرب إلى الخطأ، والعكس صحيح، وعلينا أن نتعلّم من هذا الأمر. إن سألت أستاذ الرياضيات عن مسألة لا تتمكن من حلها، الإجابة ستكون ببساطة ابدأ من جديد، وحاول اتباع طريق آخر. وعليك ألا تشعر بالقلق حيال الخطأ الذي قمت به، لأن ذلك هو ما جعلك ترى الطريق الصحيح.
يُعلّمنا اختيار الكلمة الدقيقة والصحيحة
الدقة هي أدب الرياضيات، حقيقة من الصعب التجادل حولها لأن كل ظاهرة أو مصطلح لديه مفهوم دقيق وواضح. هل تذكر كيف كان يقوم المعلّمون بتدريسنا كل تعريف للأشكال الهندسية، أو على سبيل المثال نظرية فيثاغورس؟ نحن لا نملك أي فكرة عن وقت أو مكان استخدامها لاحقًا. فليس الهدف منها فقط حفظ القوانين وإيجاد الأرقام؛ إنما نتعلّمها لنكون أكثر دقة فيما نقول، وأكثر انتقائية في مفرداتنا بما يناسب الظرف أو الموقف.
التفكير بخطوات إلى الأمام
حل المسائل الرياضية مثل لعب الشطرنج، كل خطأ أو حركة غير محسوبة، قد تؤدي لعواقب وخيمة. خلال إنجاز الفروض الدراسية في الجبر، كم من مرة انتهى بك الأمر إلى طريق مسدود لأنك وضعت الناقص بدلًا من الزائد؟ فالأخطاء مهما كانت بساطتها، من الممكن أن تتلف كل شيء، لتصبح عقبة حقيقية في طريق تحقيقك لحلم طال انتظاره. فالرياضيات يُعلّمنا أن نكون بأقصى درجات الانتباه والاهتمام، والمسئولية فيما نقوم به.
يُعلّمك أن تكون إنسانًا مختلفًا
هناك الكثير من النظريات، والقواعد، والمسلّمات والتي اعتدنا أن نعتبرها صحيحة، لكنها ليست بالضرورة أن تكون كذلك. وهو ما يعني أنه لا يجب أن نثق ثقة عمياء في الرأي الأكثر حُجيّة؛ حتى نتحقق بأنفسنا. يطلق العلماء على ذلك “الشك المعقول”، وهو تمامًا ما يعلّمنا إياه الرياضيات.
يُعلّمك عدم الاستسلام
لأنه إن لم تقم بمعالجة المشكلة، فإن أحدًا ما سيقوم بذلك، فما المانع أن تكون السبّاق؟